زراعة القوقعة تعيد السمع للأصم

هي عملية تجرى لتأهيل السمع عند المرضى الذين يعانون من فقدان سمعي شديد لا تستطيع المعينات السمعية التقليدية أن تعوضه. وهذه العملية ليست عملية زراعة عضو منقول من شخص لآخر كما في عمليات زراعة القرنية أو الكلى ولكن هي عبارة عن زراعة جهاز الكتروني في الأذن الداخلية. تم تطوير هذا الجهاز
الذي يسمى بالأذن الصناعية خلال العقود الأخيرة. ويمكن هذا الجهاز المريض الأصم بشكل كامل من العودة إلى الاستمتاع بنعمة السمع.
يستفيد من هذه العملية المريض الأصم، أي المريض الذي لا يسمع بكلتا أذنيه، ويختلف مقدار الفائدة بين المرضى حسب عمر المريض, شدة فقدان السمع وتوقيت حدوث الصمم.

تكون أفضل النتائج عند المرضى الذين فقدوا السمع بعد أن كانوا يسمعون ويتكلمون، وفي هذه الفئة بالتحديد، من الممكن أن يعود السمع إلى الوضع الطبيعي. في الفئة الأخرى من المرضى والتي تشمل المرضى الذين ولدوا وهم يعانون من الصم، تختلف النتائج باختلاف توقيت إجراء عملية زراعة القوقعة. ويتم الحصول على نتائج أفضل إذا تم مراعاة الشروط التالية. أولا اختيار المريض المناسب من الناحية السمعية أي اختيار المرضى الصم الذين يعانون من صمم ناجم عن مشكلة في القوقعة وليس في العصب السمعي أو مركز السمع في الدماغ. ويتم ذلك بإجراء الفحوصات السمعية المطلوبة قبل كل حالة. ثانيا استثناء المرضى الذين يعانون من نقصان شديد في معدل الذكاء بالإضافة إلى الصمم, حيث أن النتائج عند هؤلاء المرضى تكون سيئة. ثالثا اختيار المرضى ذوي التشريح المناسب حسب الفحوصات الشعاعية. تكون أفض النتائج إذا تم زراعة القوقعة على عمر سنة إلى سنتين، فالغالبية العظمى من هؤلاء المرضى يستعيدون السمع ويعودون إلى ممارسة الحياة الطبيعية والدراسة مع الأطفال الطبيعيين على عمر 5 سنوات. وتكون النتائج ممتازة أيضاً إذا تمت الزراعة حتى عمر 5 سنوات. أما بين عمر 5 - 10 سنوات تكون النتائج جيدة، ويتم الحصول على نتائج جيدة أيضاً حتى عمر 14 - 15 سنة، وللأسف فإن النتائج بعد هذا العمر غير مشجعة.

أما بالنسبة للمتابعة بعد العملية، فهي أيضاً ضرورية جداً بقدر العملية وفيها يتم معايرة الجهاز ليلائم سمع المريض، وفيها يتم أيضاً تدريب الأطفال على الكلام. وتختلف مدة المتابعة والتأهيل حسب فئة المرضى. فكما ذكر سابقا فان المرضى الذين فقدوا السمع بعد تعلم الكلام يحتاجون إلى فترات تأهيل ليست بالطويلة. أما عند الأطفال الذين لا يتحدثون فتكون فترات التأهيل طويلة. حيث يكون المريض بحاجة إلى تأهيل مكثف لفترات أطول. ومن أهم العوامل لنجاح العملية التزام أهل المريض بالنصائح والمتابعة بعد العملية، فإهمال الأهل للمتابعة والعلاج قد يؤدي إلى الفشل التام للعملية الجراحية.

ونظرا للازدياد في التعداد السكاني فإن عدد المرضى يزداد مع مرور الوقت. و الموضوع المهم أيضا هو أن عدد المرضى الصم الذين يفقدون الأمل في العلاج و يصبحون بعد ذلك عبئا على ذويهم وعلى المجتمع يزداد سنويا لأن هؤلاء الأطفال لا يمكن علاجهم بعد تجاوزهم عمر 16 سنة. والمؤسف انه لو تم علاج هؤلاء المرضى في العمر المناسب لتحولوا إلى عنصر فاعل في المجتمع بدلا من أن يكونوا حملا عليه. وبأخذ هذه النقطة في عين الاعتبار فان المبلغ المطلوب للعلاج يعتبر توفيرا لو تم الأخذ بعين الاعتبار فاعلية وإنتاجية المريض لبقية حياته إذا عاد إلى السمع والحياة الطبيعية بعد زراعة القوقعة.